شبهة تعدد زوجات الرسول عليه الصلاة والسلام

شبهة تعدد زوجات الرسول عليه الصلاة والسلام

بسم الله الرحمن الرحيم

شبهة : أن هناك من يَدَعِّى أن رسول الله سيدنا محمد صلى الله عليه وسلمقد تزوج العديد من النساء إجابة لنداء الهوى ، وإشباعاً للشهوة.
ونرد على هذه الشبهة بإذن الله تعالى وتوفيقه فنذكر فى البداية نُقطتين:-
(1)
إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يتزوج حتى الخامسة والعشرين من عمره فكانت فترة عزوبته فترة طهر ونقاء رغم أنها فترة القوة والشباب، فلقد أدَّبه الله سبحانه وتعالى فأحسن تأديبه.
ثم تزوج سيدنا محمد صلى الله عليه وسلموهو فى الخامسة والعشرين من عمره – 25 – بالسيدة خريجة بنت خويلد رضى الله عنهاوهى فى الأربعين من عمرها – 40 – وقد سبق لها الزواج من قبل – فعاش معها صلى الله عليه وسلمخمساً وعشرين سنة – 25 – لم يتزوج غيرها.
وبعد وفاة السيدة خديجة رضى الله عنها تزوج سيدنا محمد صلى الله عليه وسلمبالسيدة سودة بنت زمعة رضى الله عنهالكى يتكّفَّلَ بهذه الأرملة بعد وفاة زوجها بعد هجرة الحبشة الثانية.
وبعد هجرة المسلمين إلى المدينة المنورة كانت بداية تأسيس الدولة الإسلامية وظهرت هناك مجموعة من الأسباب الاجتماعية، والتشريعية والتعليمية و قد أدت إلى حاجة النبى صلى الله عليه وسلمإلى الزواج بأكثر من زوجة للمساهمة فى بناء المجتمع الجديد ولظهور أسباب معينة يستلزم معها الزواج بكل زوجة من الزوجات.
فهل من المعقول أن نحكم على رجل أنه شهوانى وقد قضى زهرة شبابه وقوته مع زوجة واحدة تزيد على عمره خمسة عشر عاماً ؟.
بالإضافة إلى أن كل من تزوجهنَّ بعد ذلك أرامل أو سبق لهن الزواج وكان لأسباب هامة كما سنذكر فيما بعد أن شاء الله ، ماعدا السيدة عائشة فهى البكر الوحيدة من بينهن.
(2)
لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلمهو الوحيد الذى تزوج من بين الرسل بأكثر من زوجة ، فغيره من الرسل قد فعل كسيدنا داود وسيدنا سليمان عليهما السلاموكاكثير من أنبياء بنى إسرائيل الذين كانوا جميعا معددين للزوجات بدءا من جدهم سيدنا إبراهيم عليه السلامفلماذا لم ينكر أحد على هؤلاء الأنبياء جميعا زواجهم بأكثر من زوجة بينما أصبح سيدنا محمد صلى الله عليه وسلمهو المهتم الوحيد من بينهم ؟

في الكتاب المقدس : [[سيدنا ابراهيم عليه السلام ]] تزوج سارة وهاجر وقطورة

سفر التكوين ،الإصحاح 25 الأية 1 و 6

1 وَعَادَ إِبْرَاهِيمُ فَأَخَذَ زَوْجَةً اسْمُهَا قَطُورَةُ،

6 وَأَمَّا بَنُو السَّرَارِيِّ اللَّوَاتِي كَانَتْ لإِبْرَاهِيمَ فَأَعْطَاهُمْ إِبْرَاهِيمُ عَطَايَا، وَصَرَفَهُمْ عَنْ إِسْحَاقَ ابْنِهِ شَرْقًا إِلَى أَرْضِ الْمَشْرِقِ، وَهُوَ بَعْدُ حَيٌّ.

[[سيدنا يعقوب عليه السلام ]] بعد زواجه من الأختين ليئة و راحيل

سفر التكوين الإصحاح 30 الأية 3 و 4 و 9

3 فَقَالَتْ: «هُوَذَا جَارِيَتِي بِلْهَةُ، ادْخُلْ عَلَيْهَا فَتَلِدَ عَلَى رُكْبَتَيَّ، وَأُرْزَقُ أَنَا أَيْضًا مِنْهَا بَنِينَ».
4 فَأَعْطَتْهُ بِلْهَةَ جَارِيَتَهَا زَوْجَةً، فَدَخَلَ عَلَيْهَا يَعْقُوبُ،

9 وَلَمَّا رَأَتْ لَيْئَةُ أَنَّهَا تَوَقَّفَتْ عَنِ الْوِلاَدَةِ، أَخَذَتْ زِلْفَةَ جَارِيَتَهَا وَأَعْطَتْهَا لِيَعْقُوبَ زَوْجَةً،

[[ سيدنا داوود هليه السلام ]]

سفر صموئيل الثاني الإصحاح 5 الأية 13

13 وَأَخَذَ دَاوُدُ أَيْضًا سَرَارِيَ وَنِسَاءً مِنْ أُورُشَلِيمَ بَعْدَ مَجِيئِهِ مِنْ حَبْرُونَ، فَوُلِدَ أَيْضًا لِدَاوُدَ بَنُونَ وَبَنَاتٌ.

سفر صموئيل الثاني الإصحاح 3 الأية من 2 إلى 5

2 وَوُلِدَ لِدَاوُدَ بَنُونَ فِي حَبْرُونَ. وَكَانَ بِكْرُهُ أَمْنُونَ مِنْ أَخِينُوعَمَ الْيَزْرَعِيلِيَّةِ،
3 وَثَانِيهِ كِيلآبَ مِنْ أَبِيجَايِلَ امْرَأَةِ نَابَالَ الْكَرْمَلِيِّ، وَالثَّالِثُ أَبْشَالُومَ ابْنَ مَعْكَةَ بِنْتِ تَلْمَايَ مَلِكِ جَشُورَ،
4 وَالرَّابعُ أَدُونِيَّا ابْنَ حَجِّيثَ، وَالْخَامِسُ شَفَطْيَا ابْنَ أَبِيطَالَ،
5 وَالسَّادِسُ يَثْرَعَامَ مِنْ عَجْلَةَ امْرَأَةِ دَاوُدَ. هؤُلاَءِ وُلِدُوا لِدَاوُدَ فِي حَبْرُونَ.

سفر صموئبل الثاني الإصحاح 12 الأية 7 و 8

7 فَقَالَ نَاثَانُ لِدَاوُدَ: «أَنْتَ هُوَ الرَّجُلُ! هكَذَا قَالَ الرَّبُّ إِلهُ إِسْرَائِيلَ: أَنَا مَسَحْتُكَ مَلِكًا عَلَى إِسْرَائِيلَ وَأَنْقَذْتُكَ مِنْ يَدِ شَاوُلَ،
8 وَأَعْطَيْتُكَ بَيْتَ سَيِّدِكَ وَنِسَاءَ سَيِّدِكَ فِي حِضْنِكَ، وَأَعْطَيْتُكَ بَيْتَ إِسْرَائِيلَ وَيَهُوذَا. وَإِنْ كَانَ ذلِكَ قَلِيلاً، كُنْتُ أَزِيدُ لَكَ كَذَا وَكَذَا.

[[سيدنا سليمان عليه السلام ]]

سفر الملوك الأول الإصحاح 11 الأية 3

3 وَكَانَتْ لَهُ سَبْعُ مِئَةٍ مِنَ النِّسَاءِ السَّيِّدَاتِ، وَثَلاَثُ مِئَةٍ مِنَ السَّرَارِيِّ، فَأَمَالَتْ نِسَاؤُهُ قَلْبَهُ.

والآن نستعرض معا ما هى الحكمة فى تعدد أزواج النبى صلى الله عليه وسلم” :- أولاً: كسب التأييد وتأليف القلوب:
فالدعوة الى شيى تحتاج الى التبليغ وكسب التأييد لنشرها بين الناس وللإكثار من اتباعها ومن ذلك:-
1-
السيدة جويرية بنت الحارث رضى الله عنه” :-
تم أسرها مع قومها فى غزوة بنى المصطلق وهى بنت (الحارث بن أبى ضرار) سيد قومه ، فعرض عليها النبى صلى الله عليه وسلمإن يفديها ويتزوجها إذا أرادت ، فوافقت وفرحت جداً. فما هى نتيجة هذا الزواج ؟ قام الصحابة بتحرير جميع الأسرى إكراما لهذه الزوجة فما كانت امرأة أعظم على قومها بركة منها رضى الله عنها، ودخل قومها جميعاً فى الإسلام وهم راضون وراغبون نتيجة هذه المعاملة الطيبة.
2-
السيدة أم حبيبة رمله بنت أبى سفيان رضى الله عنها” :-
أسلمت مع زوجها بمكة ثم هاجرت معه الى الحبشة ، فتنصر زوجها هناك وتركها فى هذه البلد الغريبة فأرسل النبى صلى الله عليه وسلمالى (الحباشى) يخطبها حتى لا تفكر فى العودة الى مكة فيؤذيها أهلها فكان هذا الزواج من الأسباب الأساسية التى دفعت أبو سفيان وهو والدها ومن سادة قريش الى الدخول فى الإسلام.
3-
السيدة صفية بنت حيى بن أخطب رضى الله عنها” :-
كانت من يهود بنى النضير وابنة زعيمها فخيرها النبى صلى الله عليه وسلمبعد أن وقعت فى الأسر وقتل زوجها فى غزوة خبير بين أن يعتقها النبى صلى الله عليه وسلموتكون زوجته أو تعود لأهلها. فاختارت أن يعتقها وتكون زوجته فأراد النبى صلى الله عليه وسلمعدم إذلال هذه المرآة وأن يشجع المسلمين على إعتاق الرفيق وعلى تشجيع اليهود على الإسلام أو على الأقل عدم إيذاء المسلمين.
فإذا أضفنا الى هذا الزواج زواج الرسول صلى الله عليه وسلم” :-
بالسيدةحفصة بنت عمر ابن الخطاب رضى الله عنهاوهى من بنىعدى

والسيدة زينب بنت جحش رضى الله عنهاوهى من بنى أسد
والسيدة أم سلمة بنت أبى أمية رضى الله عنهاوهى من بنى مخزوم
والسيدة ميمونة بنت الحارث رضى الله عنهاوهى من بنى هلال
والسيدة سودة بنت معه رضى الله عنهاوهى من بنى عامر ابن الؤى
تبين لنا أن زواج النبى صلى الله عليه وسلملو كان بزوجة واحدة لما حدث هذا التأييد وتأليف القلوب للناس.
ثانياً: انتشار التعليم :
لآن المرآة هى نصف المجتمع فهى تحتاج أن تتعلم فأراد النبى صلى الله عليه وسلمأن يجعل من كل زوجاته معلمات لجميع المسلمين والمسلمات ليبينوا لهم دينهم وديناهم ويعلموهم الحلال والحرام فى كل أمورهم.
*
هناك أمور خاصة بالنساء تتعلق بأحكام الزواج والحيض والنفات والطهارة وغيرها تحتاج فيها المرآة أن تسأل أمرآة مثلها وقد تخجل من سؤال النبى صلى الله عليه وسلمعنها فكان هذا هو دور زوجات النبى صلى الله عليه وسلم“.
*
ولقد كان من المستحيل أن تقوم زوجة واحدة أو زوجتان بتحمل هذه المسؤولية العظيمة فى هذا الدور التعليمى للأمة الإسلامية مهما أوتيت من قوة الذاكرة والذكاء والقدرة على الحفظ.
*
وقد كان لهن دوراً كبيراً فى رواية الأحاديث النبوية :-
فلقد ذكر الرواة أن عدد الأحاديث التى رواها نساء رسول الله صلى الله عليه وسلمعنه قد جاوزت ثلاثة آلاف حديث – 3000 – روت منهم السيدة عائشةرضى الله عنها” 2210 حديث – ويليها السيدة أم سلمة رضى الله عنهافقد روت 378 حديثاً.
وباقى الزوجات كن تتراوح أحاديثهن بين 11 الى 65 حديثاً وهذا الاختلاف فى رواية كل واحدة عن الأخرى يرجع الى :-
1-
الذكاء 2- مدة الحياة الزوجية 3- امتداد العمر بعد وفاة النبى صلى الله عليه وسلم، وقد اجتمعت كل هذه الأسباب للسيدة عائشة رضى الله عنها
ثالثاً: اكتمال التشريع :-

إبطال الإسلام لعادة التبنى التى كانت منتشرة فى الجاهلية قبل الإسلام ؟
فقد كان من عادة العرب فى الجاهلية تبنى أبناءً يعطونهم أسماءهم ويكون لهم الحق فى ميراثهم ولا يتزوجون المحرمات من نسائهم كابنه هذا الرجل باعتبارها أخته.. فأراد الله تبارك وتعالى أن يلغى هذه العادة.
وكان النبى صلى الله عليه وسلميتبنى قبل الإسلام سيدنا زيد أبن حارثه وكانلقبة زيد ابن محمد فأمر الله تبارك وتعالى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلمأن يزوج زيد متبناه من السيدة زينب بنت جحش أبنه عمه النبى صلى الله عليه وسلمفتزوجها – ولكنها كانت تتعالى عليه لشرفها فى قومها ، فطلقا سيدنا زيدبعد أن أستأذن النبى صلى الله عليه وسلمفى ذلك فأذن له بعد أكثر من محاولة للإصلاح بينهما. ثم أمر الله تبارك وتعالى أن يتزوج النبى صلى الله عليه وسلمبالسيدة زينب بنت جحش بدون عقد الإبطال عادة التبنى وأن سيدنا زيد سيصبح أسمه مرة أخرى زيد أبن حارثة ويكون ذلك بأمر الله تعالى حتى لا يكون هناك حرج على المؤمنين فى الزواج بزوجات طليقات أبنائهم بالتبنى – فكان زواج النبى صلى الله عليه وسلملهدف تشريعى واجتماعى وهو إبطال الإسلام لعادة التبنى.
رابعاً: تحقيق التكافل :
عن طريق رعاية الأرامل والأيتام
ومن أمثلة ذلك :
1-
السيدة/ سودة بنت زمعة رضى الله عنها“: فقد تزوجها النبى صلى الله عليه وسلمبعد وفاة زوجها كما ذكرنا من قبل :
2-
السيدة/ هند أم سلمة المخزومية رضى الله عنها“: وقد تزوجها النبى صلى الله عليه وسلمبعد وفاة زوجها فى غزوة أحد وقد كانت كبيرة فى السن وأم أيتام.
3-
السيدة/ أم حبيبة رملة بنت أبى سفيان رضى الله عنها“: وقد سبق ذكر قصتها.
خامساً: توثيق روابط الصحبة :
1-
السيدة/ عائشة رضى الله عنها” : فأراد النبى صلى الله عليه وسلمأن يقوى صلة المحبة بينه وبين أبيها سيدنا أبو بكر الصديق رضى الله عنهفأكرم بهذا الزواج صاحبة الوفى الأمين.
2-
السيدة/ صفية بنت عمر بن الخطاب رضى الله عنهما” : تزوجها النبى صلى الله عليه وسلمفى السنة الثالثة من الهجرة بعد أن مات زوجها إكراماً لها ولأبيها وتوثيقا لعلاقات المحبة بينه وبين أبيها صاحب المنزلة الرفيعة عند الله ورسوله صلى الله عليه وسلم“.
ونجد أن الخلفاء الراشدين الأربعة قد كانت لهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلمعلاقات مصاهرة وهى أقوى علاقات ليقتربوا من النبى صلى الله عليه وسلمأكثر ويقتدوا به.
سادساً: إعطاء القدوة :
حتى نتعلم من النبى صلى الله عليه وسلمونهتدى به فى طريقة معاملته لزوجاته فى بيته وذلك لتنوع طبائع النساء واختلاف شخصياتهن ، أمثلة ذلك :
القسمة بالعدل : فى الوقت والمأكل والنفقة.. وإذا أراد السفر عمل بينهن قرعة ، ولما حج أخذهن كلهن معه.
احترامه لآرائهن : مساعدته فى خدمة البيت – استنكاره ورفضة ضرب النساءوفاؤه لمن مات منهن مد اعبتهن والبشاشة لهن – وقوفه منهن موقف المصلح.
وأخيراً: نصل الى هذين السؤالين :

السؤال الأول : لماذا لم يلتزم نبى الإسلام بالعدد الذى وقف المسلون عنده فى التشريع الإسلامى وهو أربع زوجات فقط ؟

لأن هذا الأمر خاص بالنبى صلى الله علية وسلموحدة دون غيره من المسلمين فإذا أطلق النبى صلى الله عليه وسلمزوجاته وتمسك بأربع منهن فقط. لا يستطيع غيره من المسلمين أن يتزوج أى واحدة منهن وذلك لقوله تعالى وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبداً إن ذلكم كان عند الله عظيماً“. أما أى امرآة مسلمة أخرى من غير أمهات المؤمنين فلها أن طلقا زوجها وقضت عدتها أن تتزوج بأى رجل أخر.

0 تعليقات

اكتب رد

XHTML: تستطيع استخدام تلك السيمات: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <s> <strike> <strong>