شبهة أن النبى صلى الله عليه وسلم تلقى القرآن عن ورقة بن نوفل
الرد على شبهة أن النبى صلى الله عليه وسلم تلقى القرآن عن ورقة بن نوفل
ما فتيء المتعصبون والحاقدون والجهلة يفترون على النبي صلى الله عليه وسلم ، الأكاذيب والأباطيل ، ويثيرون في وجه دعوته الشبهات والمطاعن على سبيل الإعاقة والتثبيط .
ومن جملة هذه الإفتراءات والأكاذيب ما قالوه – وليتهم لم يكشفوا عن سقوطهم وانحدارهم في الكذب والجهالة – عن النبي صلى الله عليه وسلم بأنه تلقى القرآن الكريم وتعاليم النبوة عن ورقة بن نوفل !!
الرد :الحمد لله ،
أولاً : ان هذه الدعوى مجردة من الدليل ، خالية من التحديد والتعيين ، ومثل هذه الدعاوي لا تقبل ما دامت غير مدللة ، وإلا فليخبرونا ما الذي سمعه محمد من ورقة ؟ ومتى كان ذلك ؟ وأين كان ؟
ثانياً : لم يعاصر ورقة التسلسل الزمني للحوادث الواردة في القرآن الكريم على مدى 23 سنة من نزوله إذ انه قد توفي في أول البعثة ، فأين ورقة من سؤال يسأله المشركون أو اليهود أو غيرهم للرسول صلى الله عليه وسلم فنرى الإجابة قد وجدت في حينها وجاء القرآن يشرحها ويحدد موقفه منها كقوله تعالى : ” يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنَ السَّمَاءِ .. ” وكقوله : ” يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ .. ” وكقوله : ” يَسئَلونكَ عن الخمرِ والميسرِ قُل فيهِما إثمٌ كبيرٌ ومنافعُ للنّاسِ وإثمُهُما أكبرُ مِن نَّفعهما، ويسئَلونَكَ ماذا يُنفقونَ قُلِ العَفو ” … كثيراً ما كان يسأل المؤمنون أو اليهود أو المنافقون أو المشركون، يسألون عن أشياء يريدون فهمها أو عن أشياء يريدون تعجيز الرسول وإظهاره بمظهر عدم العارف ليضعفوا من شخصيته ومهابته، وكان نزول القرآن مفرقا يتيح للرسول أن يتلقى الرد عليهم من جبريل بما يريد الله، ولذلك تجد كثيراً في القرآن (يسألونك) أو (يسألك الناس) وتجد الرد بعد ذلك حتى بلغ (يسألونك) نحو خمسة عشر سؤالا وجهت للرسول في أوقات متباعدة، ونزل القرآن للرد عليها فأين هو ورقة بن نوفل من هذه الأسئلة وهو الذي لم يعاصر التسلسل الزمني للحوادث الواردة في القرآن الكريم على مدى 23 سنة من نزوله إذ انه قد توفي في أول البعثة ؟
أين ورقة من أحداث تمت بعد وفاته وقد تحدث عنها القرآن الكريم :
فليخبرنا هؤلاء الكذبة هل عاصر ورقة غزوة الأحزاب التي تحدث عنها القرآن الكريم ؟
هل عاصر ورقة يوم حنين الذي تحدث عنه القرآن ؟
هل عاصر ورقة قصة زيد التي تحدث عنها القرآن الكريم ؟
هل عاصر ورقة حادثة الإفك التي تحدث عنها القرآن ؟
هل عاصر ورقة قدوم وفد نجران والدعوة للمباهلة ؟
هل … وهل … وهل … وهل …. وهل …. وهل ….
ثالثاً : في القرآن الكريم آيات لا توافق عقيدة المسيحية فكيف يكتبها ورقة ؟ فعلى سبيل المثال :
إذا كان القرآن مصدره ورقة وورقة شخص نصراني فكيف ينكر القرآن صلب المسيح ؟
أيضاً في القرآن الكريم آيات لا توافق اليهود ومعتقداتهم وآيات تندد بهم فكيف يكون كاتبها يهودياً ؟ وإذا كان معلم الرسول يهودياً فكيف اعترف محمد بنبوة عيسى ؟ واليهود لا يعترفون بنبوة عيسى عليه السلام !
رابعاً : نقول لهؤلاء الكذبة إذا كان ورقة هو مصدر هذا القرآن المعجز فماذا عن مصدر تلك المعجزات الحسية التي صنعها النبي صلى الله عليه وسلم بيده أمام قومه ؟؟؟
خامساً : سأذكركم فقط من صحيح البخاري بقول ورقة بن نوفل نفسه بعد أن بلغت به الشيخوخة حدها الأقصى وبعد أن قص عليه النبي صلى الله عليه وسلم ما أصابه (أول ما نزل عليه الوحي)، فأجابه ورقه : هذا هو الناموس الذي أنزل على موسى يا ليتني فيها جذعا إذ يخرجك قومك قال أَوَ مُخرِجِيَّ هم قال نعم ما أتى أحد بمثل ما جئت به إلا عودي وأوذي ، وان يدركني يومك أنصرك نصراً مؤزراً. ثم لم يلبث ورقة أن توفي .. ثم فتر الوحي أي تأخر مدة من الزمان وذلك ليذهب ما كان صلى الله عليه وسلم وجده من الروع , وليحصل له التشوق والتشوف إلى العود وهو ما تم بالفعل … ولم تكن هذه هي المرة الوحيدة التي يتأخر فيها الوحي بل انه قد أبطأ عليه غير ما مرة .. روي ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لجبريل – عليه السلام – في احدى المرات التي ابطأ فيها : ” ما جئت حتى اشتقت إليك ” فقال جبريل : ” وأنا كنت أشد إليك شوقا , ولكني عبد مأمور ” ثم أنزل عليه : ” وَمَا نَتَنَزَّل إِلا بِأَمْرِ رَبّك ” مريم : 64
هذا كل ما حدث .. ما كان اللقاء الا برهة من زمان دار فيه استفسار من ورقة والنبي يجيبه . ثم مات بعدها ورقة بفترة قصيرة … فهل يصدق من في رأسه عقل أن محمدا – صلى الله عليه وسلم – قد وعى خبر النبوة والقرآن في هذا اللقاء السريع الخاطف ؟
وصدق الله إذا يقول في كتابه العزيز ” وَقَالَ الّذِينَ كَفَرُوَاْ إِنْ هَـَذَا إِلاّ إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ فَقَدْ جَآءُوا ظُلْماً وَزُوراً * وَقَالُوَاْ أَسَاطِيرُ الأوّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَىَ عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً * قُلْ أَنزَلَهُ الّذِي يَعْلَمُ السّرّ فِي السّمَاوَاتِ وَالأرْضِ إِنّهُ كَانَ غَفُوراً رّحِيماً ” الفرقان 4-6.
هل كان ورقة بن نوفل نصرانيا وقساً؟
لطالما سمعنا من النصارى أن الإسلام دين كاذب ومختلق ألفه محمد بمعاونة أستاذه ومعلمه ” ورقة بن نوفل ” الذى جعل من محمداً نبياً ورسولا ، وأنه لما مات ” ورقة ” أراد محمد الانتحار ؛ لأن مصدر وحيه قد مات ، فماذا يفعل !؟
لم يكتف النصارى بهذا بل راحوا ينسبون لورقة أنه راهب نصرانى وكانت له كنيسة فى مكة ، وأنه مهرطق ضد لاهوت المسيح ، وهو الذى أشار بتكفير النصارى فى القرآن !!
فما هى حكاية ” ورقة بن نوفل ” ؟ هذا ما سنتناوله :
ورقة بن نوفل ، هو أحد الحنفاء فى الجاهلية اسمه : ورقة بن نوفل بن أسد بن عبدالعزى بن قصى الذى يجتمع نسبه مع النبى صلى الله عليه وسلم فى قصى بن كلاب الجد الرابع للنبى صلى الله عليه وسلم .
يقول ابنُ مَنِّ الله فى حديقة البلاغة فى رده على ابن غرسية : ” وكانت فيهم ( أى العرب ) الملّة الحنيفية الإسلامية ، والشريعة الإبراهيمية ، ومن أهلها كان قس بن ساعدة الإيادى ، وورقة بن نوفل ، وزيد بن عمرو من بنى عدى ”
ومما يدل على اعتناق ورقة للتوحيد قوله لبعض أصحابه الذين رفضوا عبادة الأصنام : ” تعلمون ، والله ماقومكم على دين ، ولقد أخطأوا الحجة ، وتركوا دين إبراهيم ما حجر تطيفون به ؟ لا يسمع ، ولا يبصر ، ولا ينفع ، ولا يضرُّ ، يا قوم التمسوا لأنفسكم الدين ” ( البداية والنهاية 2/ 341 وسيرة ابن هشام 1/ 242 والمنمق 175-176 )
ومن هذا النص يتضح لنا أن ورقة كان على دين إبراهيم عليه السلام ، ويدعو أصحابه أن يُثنوا أقوامهم عن عبادة الأصنام .
وعُرف عن ورقة وبعض أصحابه أنهم يبحثون عن الحق دائماً ، ويشغلهم التفكر فى أمور الدين ، لذا فقد خرج ورقة ذات يوم هو وزيد بن عمرو بن نفيل ، ليسألا عن الدين ، ورد فى مسند الطياليسى :
” خرج ورقة بن نوفل ، وزيد بن عمرو بن نفيل يلتمسان الدين حتى انتهيا إلى راهب بالموصل ، فقال لزيد بن عمرو بن نفيل : من أين أقبلت يا صاحب البعير ؟
قال من بيت إبراهيم .
قال : وما تلتمس ؟
قال : ألتمس الدين .
قال : ارجع ؛ فإنه يوشك أن يظهر الذى تطلب فى أرضك ” ( مسند الطياليسى 32 ) .
ومن هذه الرواية نرى مدى حرص ورقة على التفكر فى الدين وبحثه عن الحق ، وقول الراهب له أن هناك نبى أوشك أن يأتى فى مكة يدل على مدى شوق ورقة لمعرفة النبى الجديد الذى قرأ عنه فى كتب النصارى واليهود .
0 تعليقات